فصل: (سورة هود: الآيات 54- 56)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة هود: الآيات 51- 52]

{يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (51) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْرارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)}

.الإعراب:

{يا قوم} مثل السابقة، {لا أسألكم... على الذي} مرّ إعراب نظيرها، {فطر} فعل ماض، والفاعل هو أي اللّه، وهو العائد و{النون} للوقاية و{الياء} ضمير مفعول به {الهمزة} للاستفهام {الفاء} عاطفة {لا} نافية {تعقلون} مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: {يا قوم...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {لا أسألكم...} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {إن أجري إلّا على الذي..} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {فطرني} لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: {لا تعقلون} لا محلّ لها معطوفة على جملة مستأنفة مقدّرة أي: أجهلتم فلا تعقلون.
(الواو) عاطفة (يا قوم) مثل السابقة، (استغفروا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (ربّ) مفعول به منصوب و(كم) ضمير مضاف إليه (ثمّ) حرف عطف (توبوا) مثل استغفروا (إلى) حرف جرّ و(الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (توبوا)، (يرسل) مضارع مجزوم جواب الطلب وعلامة الجزم السكون وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل هو (السماء) مفعول به منصوب على حذف مضاف أي ماء السماء، (على) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يرسل) بتضمينه معنى ينزّل (مدرارا) حال منصوبة من السماء، (الواو) عاطفة (يزد) مضارع مجزوم معطوف على (يرسل)، والفاعل هو و(كم) ضمير مفعول به (قوّة) مفعول به ثان منصوب (إلى قوّة) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لقوّة و(كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تتولّوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون والواو فاعل (مجرمين) حال من فاعل تتولّوا.
جملة النداء: {يا قوم...} لا محلّ لها معطوفة على جملة النداء في السابقة.
وجملة: {استغفروا...} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {توبوا إليه} لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: {يرسل...} لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء.
وجملة: {يزدكم...} لا محلّ لها معطوفة على جملة يرسل.
وجملة: {لا تتولّوا...} لا محلّ لها معطوفة على جملة استغفروا.

.[سورة هود: آية 53]

{قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53)}

.الإعراب:

{قالوا} فعل ماض وفاعله {يا هود} مثل يا نوح، {ما} نافية {جئتنا} فعل ماض وفاعله ومفعوله {ببيّنة} جارّ ومجرور متعلّق بـ {جئتنا} {الواو} عاطفة {ما} نافية عاملة عمل ليس {نحن} ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع اسم ما {الباء} حرف جرّ زائد {تاركي} مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما، وعلامة الجرّ الياء، وحذفت النون للإضافة {آلهتنا} مضاف إليه مجرور.. و{نا} ضمير مضاف إليه {عن قول} جارّ ومجرور متعلّق بحال من الضمير في تاركي أي صادرين عن قولك {الواو} عاطفة {ما نحن} مثل الأولى {اللام} حرف جرّ و{الكاف} ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمؤمنين {بمؤمنين} مثل بتاركي.
جملة: {قالوا...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة النداء: {يا هود...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {ما جئتنا ببيّنة} لا محلّ لها جواب النداء، استئنافيّة.
وجملة: {ما نحن بتاركي...} لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: {ما نحن لك بمؤمنين} لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.

.الفوائد:

زيادة الباء:
ورد في هذه الآية قوله تعالى: {وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} فقد زيدت الباء بخبر (ما) النافية التي تعمل عمل ليس، فنقول الباء حرف جر زائد، مؤمنين: مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما، وسنورد فيما يلي مواضع زيادة الباء إكمالا للفائدة مع العلم أن الباء الزائدة تزيد المعنى توكيدا.
1- تزاد مع الفاعل. وزيادتها غالبة وواجبة كما في قولنا أحسن بزيد والأصل أحسن زيد، وتغلب زيادتها في فاعل كفى كقوله تعالى: {كَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا}.
2- في المفعول به، كقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.
3- في المبتدأ، كقولنا (بحسبك درهم) و(خرجت فإذا بزيد في الباب).
4- في الخبر، مثل قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ} و{وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ}.
5- في الحال المنفي عاملها، كقول القحيف العقيلي:
فما رجعت بخائبة ركاب ** حكيم بن المسيب منتهاها

الشاهد فيه قوله (بخائبة) والأصل فما رجعت خائبة.

.[سورة هود: الآيات 54- 56]

{إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)}

.الإعراب:

{إن} حرف نفي {نقول} مضارع مرفوع، والفاعل نحن {إلّا} أداة حصر {اعترى} فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف و{الكاف} ضمير مفعول به {بعض} فاعل مرفوع {آلهتنا} مثل السابق، {بسوء} جارّ ومجرور متعلّق بـ {اعتراك}، {قال} فعل ماض، والفاعل هو {إنّي أشهد} مثل إنّي أعوذ، {اللّه} لفظ الجلالة مفعول به منصوب، والمشهود عليه محذوف دلّ عليه الآتي {الواو} عاطفة {اشهدوا} فعل مثل استغفروا، {أنّ} حرف مشبّه بالفعل- ناسخ- و{الياء} ضمير في محلّ نصب اسم أنّ {بري ء} خبر مرفوع {من} حرف جرّ {ما} حرف مصدريّ {تشركون} مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: {إن نقول...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {اعتراك} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {قال...} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {إنّي أشهد...} في محلّ نصب مقول القول الثاني.
وجملة: {أشهد اللّه} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {اشهدوا...} في محلّ نصب معطوفة على جملة إنّي أشهد..
وجملة: {تشركون} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما).
والمصدر المؤوّل (أنّي بري ء..) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف أي بأنّي بريء.. متعلّق بـ (اشهدوا).
والمصدر المؤوّل (ما تشركون) في محلّ جرّ بحرف جرّ من متعلّق ببريء.
{من دون} جارّ ومجرور متعلّق بنعت لمفعول تشركون المحذوف أي تشركون آلهة من دونه و{الهاء} ضمير مضاف إليه {الفاء} رابطة لجواب شرط مقدّر {كيدوا} مثل استغفروا، و{النون} للوقاية و{الياء} ضمير مفعول به {جميعا} حال من فاعل كيدوا منصوبة {ثمّ} حرف عطف {لا تنظروا} مثل لا تتولّوا، و{النون} للوقاية و{الياء} المحذوفة تخفيفا ضمير مفعول به.
وجملة: {كيدوني...} في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن استطعتم أن تكيدوني فكيدوني.
وجملة: {لا تنظرون} معطوفة على جملة كيدوني.
{إنّي} مثل الأول {توكّلت} فعل ماض وفاعله {على اللّه} جارّ ومجرور متعلّق بـ {توكّلت}، {ربّ} بدل من لفظ الجلالة مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على آخره و{الياء} ضمير مضاف إليه {الواو} عاطفة {ربّكم} معطوف على ربّ الأول مجرور.. و{كم} مضاف إليه {ما} حرف نفي {من} حرف جرّ زائد {دابّة} مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ {إلّا} أداة حصر {هو} ضمير منفصل مبتدأ {آخذ} خبر هو مرفوع {بناصيتها} جارّ ومجرور متعلّق بآخذ.. و{ها} مضاف إليه {إنّ ربّي} مرّ إعرابها {على صراط} جارّ ومجرور متعلّق بخبر إنّ {مستقيم} نعت لصراط مجرور.
وجملة: {إنّي توكّلت...} لا محلّ لها تعليل لما سبق.
وجملة: {توكّلت...} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {ما من دابة إلّا هو آخذ...} لا محلّ لها تعليل آخر.
وجملة: {هو آخذ...} في محلّ رفع خبر دابّة.
وجملة: {إنّ ربّي على صراط...} لا محلّ لها استئنافيّة.

.الصرف:

{اعتراك}، فيه إعلال بالقلب، أصله اعتري، جاءت الياء متحرّكة بعد فتح قلبت ألفا فأصبح اعترى- بألف أخيرة- وزنه افتعل، والياء التي هي لام الكلمة منقلبة عن واو مجرّده عرا يعرو، والمصدر عروة.
{ناصية}، اسم لمقدم الرأس، أو الشعر النابت في المقدّمة، وفي الكلمة إعلال بالقلب: نقول نصوت الرجل أي أخذت بناصيته، والأصل ناصوة- بكسر الصاد وفتح الواو- فلمّا تحرّكت الواو وكسر ما قبلها قلبت ياء فأصبح ناصية، وزنه فاعلة، والأخذ بالناصية كناية عن الغلبة والقهر.

.البلاغة:

1- في قوله تعالى: {قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}.
فإنه إنما قال: أشهد اللّه واشهدوا، ولم يقل وأشهدكم ليكون موازنا له وبمعناه، لأن إشهاده اللّه على البراءة من الشرك صحيح ثابت، وأما إشهادهم فما هو إلا تهاون بدينهم، ودلالة على قلة المبالاة بهم، ولذلك عدل به عن لفظ الأول لاختلاف ما بينهما، وجيء به على لفظ الأمر، كقول الرجل لمن يبس الثرى بينه وبينه: اشهد عليّ أني لا أحبك، تهكما به واستهانة بحاله هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن صيغة الخبر لا تحتمل سوى الإخبار بوقوع الاشهاد منه، فلما كان إشهاده للّه واقعا ومحققا عبر عنه بصيغة الخبر، لأنه إشهاد صحيح وثابت، وعبر في جانبهم بصيغة الأمر التي تتضمن الاستهانة بدينهم، وهو مراده في هذا المقام، ومن جهة ثالثة إنما عدل إلى صيغة الأمر عن صيغة الخبر، للتمييز بين خطابه اللّه تعالى وخطابه لهم، بأن يعبر عن خطاب اللّه تعالى بصيغة الخبر التي هي أجل وأشرف وأوفر للمخاطب من صيغة الأمر.
2- المجاز: في قوله تعالى: {ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها} أي إلا هو مالك لها، قادر عليها، يصرفها كيف يشاء، غير مستعصية عليه سبحانه واستعمال الأخذ بالناصية في القدرة والتسلط مجاز أو كناية.
3- التمثيل: في قوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} مندرج في البرهان، وهو تمثيل واستعارة، لأنه تعالى مطلع على أمور العباد، مجاز لهم بالثواب والعقاب، كاف لمن اعتصم به، كمن وقف على الجادة فحفظها، وهو كقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ}.